الرضا عن النفس ليس مجرد شعور، بل هو مهارة تُبنى على مدى الحياة، ويتطلب تحقيقها فهمًا عميقًا للنفس والتصالح مع الذات.

إنها القدرة على تقدير ذاتك بصدق دون أن تُقيِّم نفسك بناءً على معايير الآخرين، إذ عندما تنظر إلى نفسك بعيون الرضا، فأنت تُدرك أن قيمة الإنسان لا تُقاس بما يراه الآخرون، بل بما تحمله من مبادئ وقيم وما تُحققه لنفسك.

في المقابل، السعي لإرضاء الجميع هو عبء ثقيل، لأنه يُلزمك بتغيير هويتك باستمرار لتناسب توقعاتهم المختلفة، مما يؤدي إلى فقدانك للذات والإرهاق النفسي، هذا السعي يخلق دائرة لا تنتهي من الجهد الذي غالبًا ما يُقابل بعدم التقدير أو حتى بالنقد، لأن إرضاء الجميع مستحيل بطبيعته.

الرضا عن النفس يعني أيضًا أنك تقبل نفسك بعيوبها ومميزاتها، وهذا ليس ضعفًا، بل قمة القوة، لأنك حينها لا تحتاج إلى إخفاء أو تبرير أخطائك أمام الآخرين، بل تسعى لتحسين نفسك من أجل ذاتك وليس من أجل الآخرين، هذه القناعة تجعلك أقوى في مواجهة التحديات وأكثر قدرة على اتخاذ القرارات بثقة.

كما أن الرضا عن النفس لا يعني التوقف عن الطموح أو السعي نحو الأفضل، بل يعني أنك تتحرك نحو أهدافك بحب للذات وثقة فيها، وليس بدافع الخوف من الفشل أو من أحكام الآخرين. إنه يعني التوازن بين القبول بالنفس كما هي الآن والسعي لتحسينها، دون أن تفقد هويتك.

عندما تُركّز على رضاك الداخلي، تُحرّر نفسك من قيود التوقعات الاجتماعية وتفتح الباب أمام حرية حقيقية، حيث تصبح قراراتك مبنية على ما يناسبك وما ينسجم مع قيمك. هذا النوع من الرضا يجعلك تعيش حياة مليئة بالسلام النفسي، لأنك لم تعد عالقًا في سباق إرضاء الآخرين.

في النهاية، تذكّر أن رضاك عن نفسك هو أصل كل نجاح واستقرار في حياتك. إنه المصدر الحقيقي للسعادة، لأنه ينبع من الداخل ولا يمكن لأي ظرف خارجي أن يُزيله.

من jubran4u