حِمارٌ مُوقرٌ بجكّينِ أزْرقين وفتىً في العقدِ الثَّـاني من عمرهِ نحيلُ القامةِ بجهافٍ متوسطٍ متّزراً بحوكٍ بالكاد يسترُ ركبتيهِ وشميٍز بزرارٍ واحدٍ يتجاوزُ السُّرةَ ببنانتينِ .
يقِفُ الفتى بجانب حِمارهِ الذي بدتْ عليهِ البلادةُ وهو منشغلٌ بلوكِ بعض الجدلِ بهدوءٍ، ينتظرانِ الدورَ لتعبئةِ الأزرقينِ الفارغينِ على ظهره.

الصٌبيُ كـ”حَـدٍّ” لم يتزحْزحْ من مكانهِ رغم توالي الواردين مستغرقاً في تأملِ فتاةٍ يافعةٍ فاضت معالمُ أنوثتها منشغلةً بسحبِ رِشا الدَّلوِ، مطلقاً زفراته الحرى بين كل جرَّةِ حبلٍ وأخرى.

( كهَّتْ ) من صدرهِ تنهيدةٌ كتنور رُفِـعَ مِغْماهُ ثم التفتَ ببطءٍ نحو حِمارهِ الذي بدأ مُنزعجاً من طولِ انتظارهِ قائلاً له : قِـرّ نُعْـرَة !

انتبهت المُنشغلة برِشا الدَّلو والتفتت مبتسمةً للنحيلِ المفتونِ ثم نَكسَ الحياءُ رأسها ودسَّت وجهها في ( مِقْلمةٍ ) مُطرَّزةٍ تُـغطي شعرها اللامعَ المُنساب، وانسَّحبت نحو جرَّتيها الفائضتين بالماءِ وانصرفتْ مودعةً الفاغِـر بنصفِ عينٍ، مخلفةً روحاً مُـلتهبة تتآكل من الداخل لم ينتزعها من أحلامِ يقضَتها إلا ( صَميلاً ) هوت به يـدُ قَـحمٍ هائجٍ وهو يصرخُ : ياااااااااااا غارة الله!!
غاشي أنت وحمولك هنا و امْسَمْس غَـرْبنْ واحنا مِـترجِّين تِغِير علينا بالماء !!؟.

انتفضَ الحِمارُ فزِعاً وتطايرتْ أحمالهُ الفارغة وانطلقَ ( مُعنفلاً ) وكأنه يدفعُ الشَّرَ عن نفسه غير مكترثٍ بمصيرِ صاحبهِ الذي باغتهُ الصَّميلُ مُنهياً لحظةَ استرسالهِ في أحلام يقظتهِ، شاجاً مَفْـرق رأسهِ ليفقدَ الفتاةَ، والحَمولَ، والزفةَ، و زرارَ شميزه الوحيد، وبعْضاً مِنْ كبريائهِ.

من jubran4u

لا توجد أراء حول “مَن الذي أضَاعَ الزَّفة !؟”
  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جميلة قصصك كعهدنا بها…لكني أرى إغراقا في كلمات صعبة غير متداولة…ربما تكون مفهومة في بيئتها..تحيتي لك..دمت مبدعا

التعليقات مغلقة.