النظام ولا شيئ سواه كفيل بترويض أي متهاون، وكذلك أي مستهتر فوضوي، وأعني التطبيق دون أي استثناءات مهما كانت ولأي كائن كان في أي مكان.
تطبيق الأنظمة بكل مصداقية وعدل وصرامة كفيل بأن يُبقي شوارعنا نظيفة، وممتلكاتنا وخدماتنا العامة سليمة، ودائمة، وكفيل بأن يبقينا آمنين مطمئنين على أموالنا وأنفسنا وحتى أفكارنا ومعتقداتنا، ننظر لمستقبلنا بكل طمأنينة وثقة، ولبلدنا بكل فخر واعتزاز.
الُمتهاون المستهتر القافز على أنظمتنا في الداخل حينما يُسافر خارج حدود الوطن يتحول من لحظة وصوله إلى كائن مثالي، مُحترم، ودود، باش الوجه، ليس لأنه كذلك وهو قادر على ذلك داخل بلده وخارجها، ولكنه يعرف تمام المعرفة أن النظام في بلد وجهته لن يرحمه، ولن يضع أي اعتبار لجاهه أو ماله بل وتجده يستلذ بتقيده بكل تفاصيله.
لدينا من الأنظمة المُحكمة الكثير ومن القوانين الرصينة الكثير وكلها كفيلة بأن تجعلنا في مقدمة الشعوب المُحترَمة والمُحترِمة، ولعيب ليس في قوانيننا ولا أنظمتنا بل فيمن يدير هذه القوانين والأنظمة، ومن يتراخى في تطبيقها، ومن يُشرعن القفز عليها بتجاهله وتقصيره، ومحاباته وكيله بمكيالين، حتى نشأ فينا من يكيل اللعنات ويحارب كل ما من شأنه ترتيب الفوضى وتقسيم الحقوق بعدل.
لن تُجدي التوعية شيئاً ولن يخلق لنا التثقيف مثاليين في يوم وليلة وفينا من يرى نفسه فوق النظام، وفينا من لا يرى النظام أصلاً ولا يحترمه، ولهذا تختصر العقوبات وتطبيقها بكل عدل وصرامة الكثير من الوقت والمال والجهد، وتروض من يسيئ لبلده وممتلكاتها، وإلى من يُشاركه هذه الأرض، فيمنح للأشياء قيمة يستشعرها كلما زاغ تفكيره واستفاق المُتمرد الفوضوي في داخله.
النظام سُنة كونية يضمن الحياة العادلة الهانئة المتسقة فيما بينها لكل ماعلى أديم هذه الأرض، وحينما يختل ذلك الميزان تختلط الأمور وتشيع الفوضى وتنهار الحضارات، وتفسد الحياة.
في كل ما سبق أريد أن أقول أن لا تنمية ولا حضارة ولا ازدهار ولا رفاهية ولا اقتسام عادل للحقوق دون التطبيق التام للأنظمة التي تحكم كل الأطراف والتي تعطي كل ذي حق حقه، وتضع الأشياء في نصابها، كي يكون الجميع وبكل ثقة ورغبة جادة يداً واحدةً ترتقي بهذا البلد إلى الأعلى وتجعله بحق قبلة العالم في كل شيئ، ونحن كمسلمين تهوي أفئدة كل المسلمين إلى أرضنا قادرون أن نكسب الرهان، وأن نجعل من وطننا نموذجاً حضارياً بكل جدارة، ومنّا خير من استخلفه الله لعمارة هذه الأرض.