نحن شعبٌ يجلد ذاته كثيراً، تشكلت ثقافتنا العاطفية وفق بيئتنا المتسمة بالجفاف، واليباس، ولهذا متشنجون كثيراً، جافون برغم أننا نبحث عن الهدوء ونحلم أن نكون رومانسيين، لطفاء مع من حولنا، وأقربهم زوجاتنا وأبناؤنا.
علاقتنا العاطفية مع زوجاتنا والتعبير عنها شكلتها ثقافة محلية، تقوم في مجملها على العيب، ولا يجوز، وتتهم بعض مظاهر التعبير عن الحب لهن بأنها من خوارم الرجولة، في حين نشتكي ليل نهار من زوجاتنا وأنهن جافات عاطفياً، ولا يُحسن التعامل مع أزواجهن، ونُشبعهن جلداً، وتوبيخاً سراً في بيوتنا، وعلانية عبر مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي على هيئة نكات ساخرة، ناسين أننا الأولى بتلك السخرية، والأحق بها كرجال منحنا أنفسنا حق الإمساك بزمام الأمور في كل شيء.
الآن .. لِمَ اقترحت السفر إلى أوروبا لنحب زوجاتنا أكثر؟! .
السبب هو أن تلك الشعوب تعد مدرسة في التعبير عن مشاعر الحب للطرف الآخر، مدرسة حقيقية تعلمنا كيف نحب زوجاتنا، وكيف نعبر بطريقة جميلة عن تلك المشاعر، تعلمنا كيف نتعامل مع أطفالنا، كيف ننشئهم تنشيئة صحيحة، كيف نتعامل مع من حولنا من البشر، وحتى الحيوان، كيف نحب الحياة برمتها، ونصبح فاعلين مؤثرين، منسجمين مع أنفسنا ومع من حولنا.
تلك الشعوب تقدر ذاتها، وتقدر الآخرين، بغض النظر تماماً عن دينها، لكن إنسانيتها وعاطفتها حاضرة في كل شيء.
تلك الشعوب تقدر كل أفراد عائلتها، يتفنن الزوج في التعبير عن حبه لزوجته، وبطرق شتى، وإن بدى البعض منها بسيطاً جداً إلا أنها تنبت في روح الطرف الآخر بساتين من الفرح والسعادة، وتُعمق مشاعر الحب، وتزرع الطمأنينة.
نحن كأجوائنا، جافون، متصحرون، في نادر النادر تهطل عواطفنا مطراً، تخضر أرواحنا لفترة ثم ما تلبث أن تعود صحراء جرداء لا حياة فيها، ونعود مرة أخرى نشتكي الجفاف، ونجلد الذات، ويُحمل كل طرف منا الآخر الخيبات.
و إن كانت الأجواء وطبيعة المكان قد روضت عاطفة تلك الشعوي، فنحن بديننا الأحق في أن تكون عاطفتنا الأرق، والأكثر عطفاً، وحباً.
نحن بحاجة ماسة إلى أن يفهم كل منا الآخر، وأن يقف على مكامن الفرح وأسبابه يتلمس كل ما يعزز الحب، وينمي الثقة، ويوثق العلاقة لينطلق كل طرف بجدية لإسعاد الآخر دون نقص أو انتقاص، دون أن يصوره مطية لتحقيق أحلامه، وقضاء مصالحه، إن حققها اقترب، وإن فشل في تحقيقها عاب وهمز ولمز.
اللبنة الأولى لبناء المجتمع الصحي المتماسك القوي، يبدأ من الأسرة، يبدأ بالتحديد من علاقة الزوج بزوجته، لينطلق بعد ذلك إلى الأبناء، ثم الأقرباء بكل مستوياتهم، ثم المجتمع الذي يقود أفراده حاضر الأمة ومستقبلها.
إن كانت العلاقة بين الزوجين متينة، حتماً سيكتمل البناء متيناً قادراً على مواجهة كل الظروف.
لذا .. لنقترب أكثر من زوجاتنا، ولنحبهن أكثر، ولنعبر عن ذلك الحب دون حرج، أو تقتير، أو نقص أو انتقاص.

من jubran4u