ما بينَ رجلٍ يُـلقي بمالهِ عَـلفاً لناقتهِ، وآخرٍ يضعُها في دلَّة قهوته بُهاراً، وثالثٍ، يقدم العود النقي لضيوفه بدلاً عن الماء لغسل أيديهم، ورابعٍ يتفاخرُ بنثرِ أكياسِ الهيلِ أمام رهطٍ من الرِّجالِ كصورةٍ من صورِ الكرم، وخامسٍ وسادسٍ وووو، تطول قائمة السُّفهاء في مجتمع ظل قدوة، ويعمل فيه عُـقلاؤه على أن يكون مجتمعاً نموذجياً، يقدم صورة المجتمع المسلم الذي يحفظ الله، كي يحفظه الله، ويتقيه في نعيم عزَّ عن كثير من البلدان، ليحفظه الله له.
أعرفُ أن تلك النماذجَ شاذة في مجتمع يرفض أن تُمتهن فيه النعمة بتلك الصورة، ويستنكر أفعال قوم محسوبين عليه، يصورون سلوكاً شائناً لم نعهده من قبل فينا على أنه عادة كرمٍ واحتفاء تارة، وبطرٍ يعرف العقلاء من الناس أنه ليس من ديننا، عاداتنا، وتقاليدنا في شيء، بل هي أفعالٌ خارجة تماماً عن الحق، يُراد بها تشويه صورة هذا البلد الذي حمل على عاتقه هموماً جسام من منطلق واجباته العربية والإسلامية، منطلقاً من ثوابته الدينية والاجتماعية التي يعرف تفاصيلها الجميلة كل من عاش على ترابه من كل الأعراق والجنسيات والديانات.
ظاهرةٌ لم نألفها، ولم تكُن فينا حتى ظهر بها وأظهرها قومٌ محسوبون علينا، وانطلقت بها وسائل التواصل الحديثة تُعيد رسم خارطةَ العالم الذهنية عن هذا الشَّعب الذي مّنَّ الله عليه بنعمٍ لم تكن فيه من قبل، وجب شكرها لا العبث بها في سفهٍ لم نعهده، ولم نألفه، فكثُر الحاقدون، والحاسدون، وطفقوا يسحبون تلك الأفعال على كل أبناء هذا الوطن، مشوهين لصورته التي عرفها العالم أجمع عنه، الصورة الجميلة التي مادتها الخير، وعِـمادُها مخافة الله في كل شأنه، وشُـكر نعمه التي من الله بها منذ تأسيسه على أيدي رجالٍ صوروا الكرم والجود في أزهى صوره، وعبروا عن روح هذا الدين بأجمل تعبيرٍ يمكن أن يكون.
إن سلوكاً مشيناً كذلك السلوك مهما كانت مبرراته ودوافعه لهو سلوكٌ مشينٌ لا يقبله عقلٌ، ولا منطقٌ، وقبل كل شيء يرفضه الدِّينُ جُملةً وتفصيلاً، وتستحقرهُ النُّفوسُ التي تعرف قدر ما أنعم الله عليها من فضله، وتعرف جيداً أن تلك الممارسات التي تتناقلها وسائلُ التواصلِ على مستوى العالم ماهي إلا حربٌ من نوعٍ آخر يُراد بها تشويهُ صورة هذا البلد الذي يعِّـول عليه المسلمون في كل بقاع العالم الكثير، وهو النموذج الذي يُحاج، ويُحتج به، خصوصاً وأننا في مرحلةٍ دقيقةٍ، وحولنا من الفتن والمآسي ما الله به عليم.
نحن نتقلب في نعمٍ من الله ظاهرة وباطنة، نعمٍ تستوجبُ الشُّـكر، قولاً وعـملاً، نعمٍ من الله أغدقها كي نستشعر قيمة اللقمة التي عـزَّت على أناس من حولنا كثير يتمنون لو أن بين أيديهم فتات ما نأكل، ليخرج علينا بعض السُّفهاء المحسوبين على مجتمعنا، وثقافتنا، وعاداتنا ممن قل فيهم الحياء، وضعفت مخافة الله في قلوبهم، يُصوِّرون للعالم أن تلك السَّخافات هي من عُـرفنا الاجتماعي، ونحن منها براء، ليستغلها أعداؤنا خنجراً يطعن في خاسرة هذا الوطن بكل أطيافه، مُصورين للحاقدين والحاسدين أن هذا الشعب بلغ من البطـر منتهاه، ومن السَّخافة حدَّها، ومن كُـفر النعمة درجة لا يقبلها مؤمن يخشى الله عز وجل، ويتقيه في نعمةِ المالِ والصحةِ والأمنِ.
إن أولئك السُّفهاء إذا لم يُؤخذ على أيديهم، ويُجرَّم فعلهم، وينالون عليه أقسى العقوبات، سواء أكانوا جادين، أو مستهزئين، فإنهم سيكونون عوناً لأعداء هذه البلد، وسيجرون على مجتمعنا الويلات، وسيرسمون صورةً سيئةً عن بلدٍ هو مهوى أفئدة المؤمنين في كل بقاع العالم، ونموذجاً يحتذى به في العلم والعمل.
إن تلك الفئةَ وسيلةٌ من وسائلِ تفتيتِ نسيجنا الاجتماعي المُتماسك، والقائم على ثوابت الدِّين، المُعتبر لكل خُلقٍ نبيلٍ، وسلوكٍ عفيف شريف، منهجه القرآن وسُنة نبيهِ صلَّى الله عليه وسلم، في كل شأنه دون استثناء وأن أي سلوكٍ عابثٍ أيّاً كان مصدره مرفوض بكل صوره، تحت أي ذريعة، ومن أي فئة كانت.