يسير الإنسان غالبا بين طرفيتين اساسيتين تشكلان دورة حياته ؛الطرفية الأولى ذلك الواقع بجماله أو بؤسه وهو يتفاعل معه غالباً بالتكيف المستمر فهو يثور مرات ويتقبل أويرفض مثلها وينجح ويفشل في تغيير واقعه بحسب قدره المقدور له إلى ماشاء الله له أن يعيش.
أماالطرفية الثانية فهي الخيال وهو يبنيه بالكيفية التي يرجوها ويحبها ولذا نجد الإنسان مع الخيال يهندسه ويصممه بالزوايا المريحة له فهو يعطيها الألوان الخاصة التي تعطي للنفس بهجتها ويموسق المستقبل والعالم بمقاماته الطربية التي تروق له .
ولهذا نجد في الغالب أن سردياتنا تدور مابين محاكمة الواقع بمعايير ذاتية شديدة الخصوصية أو من خلال بناء السيناريو الافتراضي الذي نحب ونهوى.
والكثير يتحدث عن مواجهة الحياة وتحدياتها بشجاعة لكنني ومن خلال التأمل في مسيرة الإنسان وجدت أننا لا نمتلك الشجاعة إلا ماكان منها ظرفيا أو تبريريا وما بعد ذلك فمعظم ممارساتنا هي الهروب المستمر من الواقع إلى الخيال لجلب المزيد من السلوى والعزاء والبحث عن خلق عالم من السعادة المتخيلة أو الافتراضية للتداوي من بعض الجراح.
ولهذا تندر المواجهات الشجاعة بين الإنسان وصروف الحياة ، وإن حدثت بعض المواجهات العرضية والطارئة بين الإنسان وتحديات الحياة تجد أن الأمور تنتهي إلى هزيمة مروعة يتآكل فيها داخلنا الإنساني قطعة قطعة حد التلاشي والفناء…. تم الرد.
بقلم الأستاذ | ضيف الله بن علي الحازمي.