لم يخلد إلى سريره إلا وقد أحكم وثاق الأرقم المخصي بعد عزله عن بقية الفران، وتوسد أمنياته في أن يستأثر كبشه غداً باهتمام “المساوقة”.
غداً هو أحب أيامه القادمة حيث يتزاحم الباعة والمتسوقون في ساحة البيع والشراء ، غداً هو يوم خميسه المنتظر وسوق “الخوبة” هو مقصده الآكد .
ما أن أشرقت الشمس إلا وقلب “هيلوكسه” ذات الغمارة الواحدة يتقد ناراً شطر مقصده .
وقد دس كيسين احتوت بعض “قرامش” وقليل من “خمير” ابتاعها من أول “مزلبي” صادفه عند مدخل القرية.
ترافقه الأمنيات في أن يظفر بسعرٍ يستحق كبشه المربوط خلفه بـ”عقوة” أعدها بيده خصيصاً من “مِيبارٍ” نابت خلف زبير داره.
بالغ العجوزُ الطامح في تدليل كبشه والاعتناء به فهو يَعده كعريسٍ لليلته الموعودة حيث يبحث المتسوقون عادة لأضحيتهم أفضل وأصح “الكباشة” بل ويتفاخرون بارتفاع سعر شرائهم لها.
التهب جوف الخُردة نحو السوق وفارسها يُمنِّي نفسه ببيعة لم يشهدها من قبل فكبشه المُدلل قادرٌ على فتنة المتسوقين بسبلتهِ المترعة وأردافهِ المكتنزة واكتافهِ المترهلة لحماً والمخضبة بالحناء ، كيف لا وهو لا يطرح له إلا أطيب “الوجيم” و فُتت الخبز المخلوط مع الحب والدُّخن .
بالغ العجوز في أمنياته وأكمل الطريق مترنماً بـ” يانسيم الصباح سلم على بهي الخد” يدس في فمه ما بين حبة إلى حبتين من الزلابية في كل مرة منشغلاً بها تارة وبأحلام يقظته تارة أخرى عن مراقبة كبشه مشدود الوثاق بالقرب من إطار سيارته “الاستبنة” .
الكبش جاحظ العينين مشدود القوائم يحاول المحافظة على اتزانه والبقاء واقفاً في “حوض” المنطلقة ، فالمجنون خلف إطار السيارة لا يعير أي اهتمام لما يصادفه على الطريق من مطبات أو حفر أو حجارة، ولا يفرق بين منحناً خطرٍ أو تحويلةٍ إجبارية يسابق الريح قبل ان يفقد السوق حرارته.
الكبشُ شيئا فشيئاً يفقد قواه وتتراخى قوائمه ويهوي ملتفاً على عقوته لتستقبل السماء قوائمه الأربع .
سكن جوف الخردة وتفتحت أسارير ممتطيهاً حينما وجد “مـَلبقاً” بالقرب من مدخل السوق ولم يترجل من مقعده حتى أنهى دهن ساعديه بما التصق في يديه من زيت “الزلابية” متمتماً بالحمد والشكر لله ، ثم ترجل وهو يحكم شد حوكه حول خصره النحيل منطلقاً نحو حوض الخردة ليجد “الأرقم المخصي” جاحظَ العينين قد اعترشت روحه السماء “مزغوتاً” بـ”عِقْوته”.
خله امزلابيا تنفعه ماذحين