ثلاثة ريفيون انتزعتهم رغبة السفر من زبائر صلهبة والحسيني، في بواكير حياتهم ، لتزرعهم في قلب قاهرة المعتز في أم الدنيا مصر.

أنا واحد منهم والثاني حبيبنا المتقد دائماً والمشاكس الكبير الحسين سيد، وثالثنا أجمل الجميع وأكثرهم أناقة يحيى الصلهبي.

ولكم أن تتخيلوا هؤلاء الثلاثة كيف انتقلوا إلى أم الحضارات الإنسانية، قادمين من (أعقب) الدنيا .

كنت أعتقد أني أكثرهم فقهاً بعلم اللغات، والفراسة، وقراءة الفناجين، وضرب الرمل.

وقد توسموا في خيراً لهذا كنت أتقدمهم فيما يخص الرطن بالإنجليزية كوني درست سنة كاملة لغة إنجليزية لم أخرج منها بفايت علم، ولم أكن أعرف أني سأفشل في أول اختبار لي.

في ذات مساء .. تمكن منا الجوع، فانطلقنا نبحث عما يسكت بطوننا الصاوية، ونحن في طريق البحث كانت تأسرنا المعالم، والناس، والجمال المنثور في كل مكان.

استقرت بنا سيارة الأجرة الكئيبة بالقرب من محل للوجبات السريعة ( كنتاكي) وهي المرة الأولى التي أتعرف فيها على هذا المدعو كنتاكي وإلا فصاحبي سبق أن تعرفا عليه، فهما من المشايمين القداما.

دخلنا الثلاثة متقاطرين إلى حتفنا، وانتصبنا كمبهوز أما سيدة فاتنة جداً، ومكان نظيف جداً أفقدنا الاتزان.

بالنسبة لي كان أرقى مطعم عرفته في ذلك الوقت هو استراحة الرمال على طريق صبيا بيش ،كانت تقدم مضغوط الدجاج، و تزينه بصحن من الصلصة، كان يسميه أهل صلهبة ( مصلص ) !!

المهم ..

فغر ثلاثتنا .. ولا غرابة إذا عرفتم أن بائعات اللحوح بسوق صبيا قديماً كن السيدات الوحيدات الموجودات في الذاكرة.

بدأت تلك الحسناء تتلوا علينا قائمة من الوجبات لم أفقه منها شيئاً ولم يفقه صديقي كذلك منها شيئا، الشي الوحيد الذي تذكرته هو البروست، وللأسف لم يكن ضمن قائمتهم.

تذكرت كلمة ( مينيو) وقلتها بخجل لم أعرفه مذ خلقت.. فأنا مابين خوفي من خذلان الصديقين وبين سطوة الأنثى والمكان!.

اكتفينا بالإشارة إلى عدد من قطع الدجاج دون أن نتكلم..

لتباغتنا بسؤال أحرجني كثيراً .. وأسقط آخر قطرة من ماء وجهي.

(عوزينه تك أواي ) !!

ودارت بي الأرض، وتسمر الصديقان بجانبي، مبحلقان في هذا المسكين اللراجف، والمحشور في زاوية ضيقة جداً .. حاولت جاهداً تحليل الكلمة، والبحث في ذاكرتي التي خارت و خرّت تماماً.

كنت أكتفي بالابتسام ببلادة ( واحد خاجل ) كنت حريصاً على ألا أخذل الطيبين الواقفين بجانبي.

وكأن لسان حالهما يقول ( هيا خارجنا ذلحين !!) .

الموقف اشتد علي إذ وقعت بين سنديان الرفاق الشامتين الضاحكين ومطرقة الحسناء الطافحة.

ولم ينقذني إلا شاب جاء من الخلف مسرعاً وابتسامة تشق وجهه وقال ضاحكاً ( عوزينه سفري وإلا محلي ) !!

نظرت إلى الصديقين الغارقين في ضحك هستيري ثم إلى الحسناء التي أشفقت علي .. وأخيراً إلى الشاب السوبر مان .. وقلت في نفسي .. نهااااية لمنت قد تقلشت في صُـليل !!

في ذيك الليلة رجعت الشقة جيعان، رغم أني تعشيت لكن ما أدري فين نزل.

عموماً تذكروا إذا سافرتم برا ( خوصوصاً الريفيين أمثالي ) أن كلمة تك أوي تعني (سفري ) 

من jubran4u