(الجمل وحكمة الوبـَّـال) حكاية من التراث الجيزاني
يحكى أن عجوزاً تسكن في أحد الأرياف البعيدة ترعى مجموعة من النعاج وعدد من الدجاجات وتستعين في تنقلاتها بجمل فحل كان مضرب المثل في القوة والتحمل والوفاء والعاااااافية.
مرت الأيام تلو الأخرى وذلك الجمل يأسر ألباب الساكنين حتى أن صاحبته خشيت أن ( يُـلْـده ) من أحد (قحومة) القرية بعين تحيله ( جِـتماً ) .
مضت السنوات وبدأ الجمل يفقد من قوته الكثير وأدركت صاحبته أن غاليها ( لـُـدِهَ ) بعين وما كانت عيناً .
يوماً بعد يوم بدأ الجمل يفقد عافيته ولم تعد تحمل عليه عوداً ولا تقطع به مفازة إلى حاجة ، وشيئاً فشيئاً تدهورت حالته ولم يعد يقوى على الوقوف ، بالغت السيدة في الاعتناء به وبذلت قصارى الجهد لتعيده سيرته الأولى لكن الجمل يتهالك حتى فقد بصره بعد أن فقد الفاقة إلى أكله .
وفي عصر أحد الأيام وبينما العجوز تتوسد (هبشة ) قصب تحت ظل عشتها حزينة مكلومة إذا بـ( وبَّال ) يعبر الطريق خلف قطيع من الإبل ترعى هنا وهناك ، سلم الرجل وطلب ( جُغْـم ) ماء ،سقته حتى ارتوى ثم شكت عليه حال جملها المعطوب وكيف انهارت قواه وقد كان جملاً يشق الصخر بأخفافه .
نظر إليها ذلك ( الـوبَّال ) نظرة ساخرة ، ثم حدج الجمل المكور بأخرى ، وانشق محياه عن ابتسامة عريضة بان أخضرار أضراسه منها وقال ( أمره بسيط ) جملك علاجه عندي .
شهقت العجوز شهقة كادت أن تخرج معها الروح ثم غابت لبرهة وعادت بـ( مِجْوَلةٍ ) قد صفّت عليها قرصين من الخمير ، وبيدها ( صَحْـفَـة ) تفوح شوباً وقد طفحت بحقنة كأنها اجتزءت من السحاب بياضاً وقدمتها لذلك المبتسم الساخر ، وكأنها ترشيه كي يعجل عليها بعلاج غاليها المكور على بعـره .
( كلع ) الـ( وبَّال ) بقرصي الخمير و ( جرع ) صحفة الحقنة ثم تجشأ جشأة كادت أن تخرج معها الأضلاع وقال : جملك هذا دعيه يرعى مع نياقي لمدة أسبوع فقط و ( عيِّني ) كيف يرتد ( الرِّيع ) فيه ، ثم غمز العجوز غمزة فيها من الخبث الكثير تفالتت منها أمغال عينه .
سارعت العجوز إلى جملها وكأنها تزفه وما أن لمح ذلك (المكوَّر) قطيع النياق حتى دبت العافية في أوصاله و (حبج ) بروحه وسط القطيع حتى غاب عن ناظري صاحبته .
وما أن أنقضى اليوم السابع حتى أقبل الـ( وبَّالُ ) بقطيعه وفي وسطه جملٌ يرغي ويزبد وقد انتفخ سنامه واستحالت عيناه ( بوحاً ) تكادت تطير من محجريها عااااافية َ ، وقد شق المدى بهديره وتدلت من ( لحيه ) شُقْشُقةً لو قُطعت لملأت خمسة (موافية) .
لم تصدق العجوز ما رأت ولم تصدق أن جملها الذي بالأمس شارف على الهلاك و (عميت دلايله) عاد اليوم بكل قوته وحيويته ونشاطه وقالت بصوت عالٍ شق القرية : نعل بوها الحاجة كيف تعمي !!
ثم انشق محياها عن ابتسامة رضى بان معها احمرار حنكها .
وفرحت العجوز ، وفرح الوبال وفرحت الدجاجات ولكن الجمل ( هجَّ ) مع القطيع وحلف معاد يجلس لها في ( قبل ) لوحده.
القصه جميله وفيها إحياء للتراث القديم محبوكه بشكل متجدد ورائع
تقرأ بدون ملل لجمال اﻷسلوب المليء بالتشويق وبنفس الوقت يتخللها عبارات فيها نوع من الدعابة وهو مايسمي اﻷن ) الكوميديا(أستاذ ابراهيم الله يعطيك العافيه ماشاء الله عليك تمتلك خزينه فكر وثقافه عاليه وحس كتابي مشوق يجبرنا أن نتطلع لما هوجديد منك
واصل الله يوفقك،،