( الجُعْـري) و( الحِمار) حيوانان لا يجتمعان البتة بتاتاً ولا يستسيغ أحدهما الآخر ، وفي يوم من الأيام كان هناك حمارٌ يعشق السَّهر وحياة المجون ومُخاتلة صاحبه ، حيث يسري آخر الليالي المقمرة يغازل حمير الجيران ويتسكع في أزقة القرية ثم يعود مع أولى خيوط الفجر.

وفي ذات مساء خرج ولم يعد ، واستنكر صاحبه الغياب فخرج يطلب أثره ، ومشى يتبع جُرته حيث طافت به على ( مَـدْرسين ) من مدارس الجيران ، غير أنه لاحظ بعد المدرس الثاني أن جُرة الحمار قد رافقتها جُرة حيوان تأكد للرجل أنها لـ( جُعريِ ) ذكر بالغ وقال بكل تأكيد قد باغته ذلك اللعين وحتماً أن حماري قد هلك .!

قادت تلك الخُطى الرَّجل إلى عُشة خربة على أطراف القرية وهمَّ الرجلُ بدخول العُشة التي اسود جوفها وأدرك أن حماره قد هلك لا محالة وأن ذلك المفترس قد أجهز عليه وأحاله عظماً دون لحم أو جلد.
وما أن توسط جوف العشة حتى لمح بريقاً لعيون جاحظة لا يرف لها جفناً شاخصة إلى السماء ، فقال الرجل : هو الـ ( جِعْرُ) لا محالة.

ولما اقترب وأضاء بفانوسه المتهالك إذا بـ(حموله) قد أطبق بفكه على رقبة الجِعر الذي فارق الحياة ( كاشِراً ) حيث باغت الحمول عدوه بـ( كشْمةٍ) من فكه الذي أحاله الخوف كمَّاشة من حديد فأجهز عليه في الحال وظل طوال الليل مطبقاً بكل قوته على اعتقاد منه أن (الجِعْرَ) ما زال حياً وأنه إن أرخى فكيه فسيقضي عليه .

هرع الرجل إلى ( حموله ) بصميلٍ وضعه بين فكِّيه الملتحمين على رقبة الهالك وأخرج رقبة الجعر الذي هلك ( كاشراً ) وقال في سرور : الله أكبر عليك من حمول هبت له لمسة أعمى في ظلام !!

وضحك الجميع وضحكت العشة وضحك الصميل ومات الجعر كاشراً .

من jubran4u