استظل حكيم ٌبظلِ أثْلةٍ بعد أن أنهى نصيد سَطرينِ من زهبهِ ، وبعد أن دسَّ نصفَ جُمَّارة في حلقه أعقبها بنصفِ دبعٍ من الحِقْنةِ أطلق بصرَهُ في الأفقِ المُخضرٌِ أمامَه ثم أخذ يُحدث ابنه المُنشَغل بأنفه قائلاً:
أي بُني؛ إنِّي موصيك فاسمعْ :
الحياةُ كالأرْقعِ فاحذرها فإنها وإن نَعُم ملمسُها ففي جوفها السُّمُ المُهلك ؛ إن أقبلت عليك غرَّتك وإن أدبرت وقلبك خالٍ فتنتك.
وإياك والاحتكالُ على النِّساءِ فإنهنَّ كحُفَنِ السَّيلِ، إن رضين بطرن وإن جزعن كفرن.
ولا تُصاحِب كِبعَةَ المزاقرِ فَمنْ أضاعَ نفسه حتماً لغيره أضيع.
ثم التفت الحكيم بهدوء إلى ابنه وقد ارتسمت ابتسامة رضى على أشنافه فإذا به غاط في نومٍ عميقٍ وقد ضالَ الذبابُ على فمه الدالع.