لم يشأ الطبيب إزعاجهما بقوله إن إمكانية الحمل داخل الرحم ممكنة ، غير فكرية مازالت الشكوك تساورها حول استحالت تحقيق ذلك ، هي ذاتها لا تدري لماذا كل هذا القنوط منها ؟
– لماذا لا تؤمنين بما قاله الطبيب ؟
– يا فكري .. يا حبيبي لا تسلْني .. حتى لو طبقنا كلامه بحذافيره لن يقع شيء ما تتوقعه!
– أنا لا أحب وضع العراقيل أمام أمور لم تقع بعد ، فلنطبق أولاً وليكن ما يكن
– أُوف .. أُوف .. حسناً لك ما تريد ..
* * * * * *
– ألم أقل لكي بعد خروجنا من العيادة فلنطبق أولاً .. ها نحن نجني ما طبقناه .. ها أنت الآن في شهرك الثالث وهذه آثار الوحم بادية عليك ..
– أُغرب عن وجهي .. لا أريد أن أراك ..
هيا ابتعد .. وأخذت تدفعه نحو الباب
لا تُسمعني صوتك بعد الآن
اْخذ كل أشياءك واْرحل من هنا ..
لا أُريد أن أشم رائحتك .. تبدو نتنه !
لقد صنعت لي الألم وتنهدات البكاء والأنَفَه ..
أيُّ بؤس وأيُّ نكد أنا فيه ..
خرج وقد امتلكه حزن شديد .. لا يريد أن يتركها وحيده ، ففكرية شكّلت حياته .. بل هي حياته التي بها بدأ مرحلته الجديدة من عمره .. بعد ضياع سنين ..
كان يتفهم عناء الحمل .. ويتحسس مواضعه ..
شَفْرة الموسي الثُّلْمَةُ كأنما تتلذذ بتقطيع أمعاءه فلا يُرى منها إلاّ مرابط مندي عيضه على طريق بيش
معدتها الخاوية يكاد الجوع يقتله في غير فاقة ..
شهوتها في طعام قد تغير مذاقه لا يتذوق منه إلاّ كل مُرّ وعلقم ..
شعورها بالتعب والإعياء أحيانا يفقده توازنه ويكاد يقع على الأرض عندما يتخيله
تغيرات ثدييها بحث عنها في صدره فما وجد غير ثُندؤته الغائره حلمتُها في قفصه الصدري ..
تغير مزاجها وتوترها يسلمه لحالة من العصبية وانفلات أعصابه على حارس العمارة التي يقطنها وفكرية ..
اختلاط مشاعره وأحاسيسه لم تجعله ينسى أن يعود جارته شارده ليوصيها بفكرية الحبلى في شهرها الثالث لعلّها تجد منها ما يحملها على إبقاء جنينهما حياً حتى يكتب الله أمرا كان مفعولا
أي شارده :
– إليك أدفع بفكرية فإن وحامها كان شرا مستطيرا عليَّ وهذه أشيائي ..
– لا تحمل في شأنها همّاً ، سأكون لها راعيه ولحملها حامية فلا تبتئس وسأوافيك ..
* * * * * *
– ألو فكري .. نحن في سيارة الإسعاف الآن .. في طريقنا للمشفى ، ” فكريه بتولد ” هلاّ لحقت بنا
– ما عاد فيها كلام .. فورا .. حالاً .. حالا أو فورا المهم الآن ..
آه يا فكريه ” لا عانني عنكِ .. ليته بي وبكِ ”
آه يا ملاكي .. يا روحي .. يا حياتي .. ها أنا ذا معكِ .. وسأكون معكِ في حجرة الولادة فلا تبتئسِ ..
أخذ يقبل يديها بشغف و يقبض بيديه على يديها .. وهي تصرخ وتتألم وتهدأ كلما زاد في قوة القبض ..
في حجرة الولادة هدأ روعها قليلاً .. أخذت تُبحلق فيمن حولها وتتلفت .. وقع ناظرها على كتلة قطن كانت على المنضدة تناولتها بيدها اليمنى و وضعتها في فمها في حركة سريعة ..
كانت تتصبب عرقاً وفكري واضع يده على جبهتها ويمسح بإصبعيه على شعر حواجبها الهلالين ..
في ذروة صراخها المكتوم كانت تبتسم بعض من التبسم كلما وقعت عينيها في عيني فكري غير أن فكري لم يخفِ دموعه التي تتساقط على صدر فكريه ..
لقد كانت تكفكف دموعه بولادات تلك الابتسامات .
يا لكي من عظيمة قالها في نفسه .
الطبيب : لا عليكما .. ستكون الأمور على ما يرام .. الولادة طبيعية إن شاء الله غير أنه سيظل المولود لدينا لحين يكتمل نموه فهو مَخَدُوج كونه في شهره السابع .. ها هي ساعة المخاض حلت! رجاءاً الهدوء .. رجاء
فما أن سمعت بأنها خادج حتى أطلقت صرخة مدويّة ارتجت لها أركان غرفة الولادة المرصعة بعوازل الصوت .. لم يعبه الطبيب بكتلة القطن التي مشطت جانب من شعره ، حيث كان ممسكاً برأس مخدوجها يُخرجه برفق ..
ما هي إلاّ لحظات .. وإذا بالطبيب حاملاً الطفل الخديج بين كفيه وهو يبكي ليضعه على صدر فكرية المنهك من دواخله بالآم الصراخ .. كان بيت شعر ملفوفاً في ورقة ( A4 )
ما أروع رز ديرتي حين تتمايل عذوقه
زاهي الطل تشم الند من منبع عروقه
فحُمل هذا الخديج على حين غره من والديه فكر وفكرة :
وأُرسل إلى مجبر العظام ..
ومنه إلى كاوي السقام ..
ومنه إلى مملح الطعام ..
أما منكم رجل رشيد في شأن هذا الخديج ؟!
محمد عبده البكَّاري
الجماله : 8/1 / 1434هـ
https://www.facebook.com/mohammed.albakari
الحمدلله وحده ..
الأخ : إبراهيم جبران الذروي
تحية وعاطر ثناء . وأشواق إليك ملء ما شئت ..
منذ منحتي رابط مدونتك وأنا “داخل خارج ” دون هداية أو خروج من سبيل .. ربما لخشيتي العبث أو هي الريبة من هذه التقنية برغم قدم التعامل معها – أول كمبيوتر مكتبي ملكته 1412هـ – غير أنني أقف عاجز في الكثير من الأحيان في التعامل معها .
ما أن رأيت أيقونة مختاراتك الليلة حتى زفني الشوق إليَّ ( نفسي ) وكأنه الحدس دلني لأرى هذه القصة المجمله بصورة من يظن أنه صاحبها . فكأنما زفة إليَّ هذه الأيقونة من الفرح فرحين ومن السرور ضعفه فحضيَّ شخصي بواحد بينما أذهب الآخر ما كان هماً منك بعدما دفعت إليَّ رابط أيقونتك هذه ، إذ خشيت أن تُفسر عدم نقلي لأية نصوص إلى هنا بخلاف الواقع بي فعلاً من عدم الإلمام بهذه التقنية إلاّ بتوجيه من ملم ولا أخفيك سراً إن قلت لك إنني حملت هذا الهم محمل الجد لا لشيء إلاّ لأنني لا أريد أن أقف أمامك موقفا مختلفا مما أنا عليه عندك ، وهذا لا يعني إنني مفرط في الحساسية لكن هناك ما يدعو أحيانا إلى ذلك حسب درجة الأمر ولا كأمر الكتابة التي تحتاج إلى الجدية حتى لا تبقي أثر للمجاملة { فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ.} لذا كان سروري وكانت سعادتي بما رأيت .
فإليك ما تشاء مما كتبه اصنع به ما شئت . فو الله لو كنت عارفاً بمهنة ذلك لما ترددت في نقلها هنا ، فلا تترد أبدا في نقلها إلى هنا أبداً .
لقد استعنت مؤخرا بأحد الزملاء لعمل مدونة خاصة بي وهي الآن في طور نقل المواضيع إليها بمساعدته ، وسوف أعطيك رابطها بعد الانتهاء من التعديلات التي سيدخلها عليها من السبت القادم ان شاء الله ولك ما تشاء منها أو فيها أو إليها واعتبرها مدونتك .
يعلم الله كيف هي حيرتي .. كيف أجزل لك الشكر كيف أمتن إليك بعظم ما أدخلته عليَّ من سرور فلك الشكر كله ..
أخوك : محمد البكّاري
الجمعة 03:5 فجرا